responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 114
مَسَرَّةُ أَحْقَابٍ تَلَقَّيْتُ بَعْدَهَا ... مَسَاءَةَ يَوْمٍ إِنَّهَا شِبْهُ أَنْصَابِ
فَكَيْفَ بِأَنْ تَلْقَى مَسَرَّةَ سَاعَةٍ ... وَرَاءَ تَقَضِّيهَا مَسَاءَةَ أَحْقَابِ
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً وَهَذَا وَإِنْ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ إِلَّا أَنَّ مَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ سَتَحْصُلُ هَذِهِ الْحَالَةُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُمْ، وَإِنْ فَرِحُوا وَضَحِكُوا فِي كُلِّ عُمُرِهِمْ، فَهَذَا قَلِيلٌ لِأَنَّ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا قَلِيلَةٌ، وَأَمَّا حُزْنُهُمْ وَبُكَاؤُهُمْ فِي الْآخِرَةِ فَكَثِيرٌ، لِأَنَّهُ عِقَابٌ دَائِمٌ لَا يَنْقَطِعُ، وَالْمُنْقَطِعُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الدَّائِمِ قَلِيلٌ، فَلِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً قَالَ الزَّجَّاجُ: قَوْلُهُ: جَزاءً مَفْعُولٌ لَهُ، وَالْمَعْنَى وَلْيَبْكُوا لِهَذَا الْغَرَضِ. وَقَوْلُهُ: بِما كانُوا يَكْسِبُونَ أَيْ فِي الدُّنْيَا مِنَ النِّفَاقِ وَاسْتِدْلَالُ الْمُعْتَزِلَةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى كَوْنِ الْعَبْدِ مُوجِدًا لِأَفْعَالِهِ، وَعَلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ أَوْصَلَ الضَّرَرَ إِلَيْهِمِ ابْتِدَاءً لَا بِوَاسِطَةِ كَسْبِهِمْ لَكَانَ ظَالِمًا، مَشْهُورٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ مرارا تغني عن الإعادة.

[سورة التوبة (9) : آية 83]
فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ (83)
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ مَخَازِيَ الْمُنَافِقِينَ وَسُوءَ طَرِيقَتِهِمْ بَيَّنَ بعد ما عَرَّفَ بِهِ الرَّسُولَ أَنَّ الصَّلَاحَ فِي أَنْ لَا يَسْتَصْحِبَهُمْ فِي غَزَوَاتِهِ، لِأَنَّ خُرُوجَهُمْ مَعَهُ يُوجِبُ أَنْوَاعًا مِنَ الْفَسَادِ. فَقَالَ: فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ أَيْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً قَوْلُهُ: فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ يُرِيدُ إِنْ رَدَّكَ اللَّهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَمَعْنَى الرَّجْعِ مَصِيرُ الشَّيْءِ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ، يُقَالُ رَجَعْتُهُ رَجْعًا كَقَوْلِكَ رَدَدْتُهُ رَدًّا. وَقَوْلُهُ: إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ إِنَّمَا خَصَّصَ لِأَنَّ جَمِيعَ مَنْ أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ مَا كَانُوا مُنَافِقِينَ، بَلْ كَانَ بَعْضُهُمْ مُخْلِصِينَ مَعْذُورِينَ. وَقَوْلُهُ:
فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ أَيْ لِلْغَزْوِ مَعَكَ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً إِلَى غَزْوَةٍ، وَهَذَا يَجْرِي مَجْرَى الذَّمِّ وَاللَّعْنِ لَهُمْ، وَمَجْرَى إِظْهَارِ نِفَاقِهِمْ وَفَضَائِحِهِمْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَرْغِيبَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجِهَادِ أَمْرٌ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ إِنَّ هَؤُلَاءِ إِذَا مُنِعُوا مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْغَزْوِ بَعْدَ إِقْدَامِهِمْ عَلَى الِاسْتِئْذَانِ، كَانَ ذَلِكَ تَصْرِيحًا بِكَوْنِهِمْ خَارِجِينَ عَنِ الْإِسْلَامِ/ مَوْصُوفِينَ بِالْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا مَنَعَهُمْ مِنَ الْخُرُوجِ حَذَرًا مِنْ مَكْرِهِمْ وَكَيْدِهِمْ وَخِدَاعِهِمْ، فَصَارَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ هَذَا الْوَجْهِ جَارِيًا مَجْرَى اللَّعْنِ وَالطَّرْدِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها إِلَى قَوْلِهِ: قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا [الْفَتْحِ: 15] ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى عَلَّلَ ذَلِكَ الْمَنْعَ بِقَوْلِهِ: إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْقُعُودُ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، يَعْنِي أَنَّ الْحَاجَةَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى إِلَى مُوَافَقَتِكُمْ كَانَتْ أَشَدَّ، وَبَعْدَ ذَلِكَ زَالَتْ تِلْكَ الْحَاجَةُ، فَلَمَّا تَخَلَّفْتُمْ عِنْدَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إِلَى حُضُورِكُمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ لَا نَقْبَلُكُمْ، وَلَا نَلْتَفِتُ إِلَيْكُمْ، وَفِي اللَّفْظِ بَحْثٌ ذَكَرَهُ صَاحِبَ «الْكَشَّافِ» ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: مَرَّةٍ فِي أَوَّلَ مَرَّةٍ وُضِعَتْ مَوْضِعَ الْمَرَّاتِ، ثُمَّ أُضِيفَ لَفْظُ الْأَوَّلِ إِلَيْهَا، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنَ الْمَرَّاتِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ أُولَى مَرَّةٍ.
وَأَجَابَ: عَنْهُ بِأَنَّ أَكْثَرَ اللُّغَتَيْنِ أن يقال: عند أَكْبَرُ النِّسَاءِ، وَلَا يُقَالُ هِنْدٌ كُبْرَى النِّسَاءِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ ذَكَرُوا فِي تَفْسِيرِ الْخَالِفِ أَقْوَالًا: الْأَوَّلُ: قَالَ الْأَخْفَشُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: الْخَالِفُونَ جَمْعٌ. وَاحِدُهُمْ خَالِفٌ، وَهُوَ مَنْ يَخْلُفُ الرَّجُلَ فِي قَوْمِهِ، وَمَعْنَاهُ مَعَ الْخَالِفِينَ مِنَ الرِّجَالِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست